يحمي الجهاز المناعي الجسم من العدوى والأمراض الأخرى المختلفة ولكن قد يكون البعض أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المختلفة بسبب ضعف جهاز المناعة لديهم
نقص المناعة الثانوي
تجدر الإشارة إلى أنَّ مرض نقص المناعة الثانوي (Secondary immune deficiency disease) أكثر شيوعًا من أمراض نقص المناعة الأوَّلية، وتوجد العديد من الأسباب المختلفة التي يُعزى حدوث نقص المناعة الثانوي إليها، ويمكن بيانها بشيء من التفصيل كما يأتي:
سوء التغذية
أشارت سلسلة من الدراسات نشرتها مجلة Journal of Venomous Animals and Toxins including Tropical Diseases عام 2009م، إلى أنَّ الوظيفة البيولوجيَّة لمختلف أنواع الخلايا تنخفض بشكل واضح عند الإصابة بنقص أو سوء التغذية، الذي يرجع سبب حدوثه إلى نقص الطاقة أو نقص المغذِّيات الدقيقة (Micronutrient deficiency) في الجسم، والتي تضمُّ كلاًّ من الفيتامينات والمعادن.
ولفهم آليَّة تأثير سوء التغذية في المناعة يجدر التطرُّق إلى ما يُعرَف بالنظام المتمِّم (Complement system) الذي يمكن أن يدمِّر البكتيريا أو الفيروسات الموجودة في الجسم، وذلك من خلال كلٍّ من الخلايا البلعميَّة (Phagocyte) والمكوِّنات المتمِّمة (Complement components)، وهي البروتينات التي تساعد الخلايا المناعيَّة على قتل البكتيريا وتساهم في التعرُّف على الخلايا الغريبة تمهيدًا لتدميرها، فبذلك يمكن التوصُّل إلى أنَّ سوء التغذية سيؤثِّر في الخلايا البلعمية والمكوِّنات المتمِّمة ووظائفهما، وسيترتَّب على ذلك التأثير بشكل مباشر على الجهاز المناعي.
التقدم في السن
تزداد قابليَّة الإصابة بكلٍّ من العدوى والسرطان واضطرابات المناعة الذاتيَّة مع تقدُّم عُمر الجهاز المناعي وتراجع قدراته، وبالنظر إلى أنَّ مجال الأبحاث القائمة على دراسة تأثير التغيُّرات المرتبطة بالعُمر في الوظيفة المناعيَّة ما زال مجالًا جديدًا نسبيًا، فإنَّ فهم آليَّات حدوث هذه الاضطرابات والتعقيدات المناعيَّة ما زال غير دقيق.
بعض أنواع الأدوية
توجد العديد من الأدوية التي قد تؤثِّر في الجهاز المناعي، والتي يمكن بيانها فيما يأتي:
- الأدوية التي تستهدف الجهاز المناعي، ومثال عليها:
- الأدوية المثبِّطة للمناعة (immunosuppressant drugs).
- المستحضرات الدوائيَّة الحيويَّة أو البيولوجيَّة (Biologics).
- العلاج الكيميائي.
- الأدوية المعروفة بتسبُّبها بمضاعفات محدَّدة في الجهاز المناعي، فمثلاً يمكن أن تُسبِّب بعض مضادَّات الاختلاج (anti-epileptic) نقصًا في الأجسام المضادَّة في الجسم، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه التأثيرات لا ترتبط بطريقة عمل الأدوية.
العدوى
تُعدُّ الإصابة بالعدوى بما في ذلك الإنفلونزا (Flu)، وكثرة الوحيدات العدائيَّة (Infectious Mononucleosis)، والحصبة (Measles) أحد الأسباب التي قد تُضعِف جهاز المناعة لفترة وجيزة، لكن توجد بعض الأنواع من العدوى المزمنة التي قد تُسبِّب الإصابة باضطرابات نقص المناعة الثانوي، ومن أكثرها شيوعًا متلازمة نقص المناعة المكتسبة (Acquired immune deficiency syndrome) المعروفة بالإيدز (AIDs) الناجمة عن الإصابة بعدوى فيروس نقص المناعة البشريَّة.
بعض أنواع السرطان
يُنتج نخاع العظام خلايا الدم التي تساعد على مكافحة العدوى والتصدِّي لها، وفي حالات الإصابة بمرض السرطان فإنَّ ذلك قد يؤدِّي إلى إضعاف جهاز المناعة في جسم المصاب عند انتشاره في نخاع العظم، بحيث يمنع ذلك نخاع العظم من تكوين الكثير من خلايا الدم، ومن أنواع السرطان التي تُسبب ذلك:[١٠]
- اللوكيميا المعروف أيضًا بـابيضاض الدم (Leukaemia).
- سرطان الغدد اللمفاويَّة (Lymphoma).
استئصال الطحال
يُعدّ الطحال (Spleen) جزءًا من جهاز المناعة في الجسم، وتكمن وظيفته في المساعدة على حماية الجسم من الإصابة بالعدوى، إذ يتكوَّن من خلايا خاصَّة تقتل البكتيريا في حال وجودها في الدم أثناء مروره بالطحال، ونظرًا لوجود أجزاء أخرى من الجهاز المناعي تحمي الجسم من معظم أنواع البكتيريا والفيروسات والجراثيم الأخرى، فإنَّه يمكن التعامل مع معظم أنواع العدوى دون الحاجة إلى الطحال.
إلّا أنَّ خطر الإصابة ببعض أنواع العدوى الخطيرة غير الشائعة، مثل عدوى إنتان الدم ما بعد استئصال الطحال (Overwhelming post-splenectomy infection) واختصارًا OPSI يزداد لدى الأفراد الذين لا يملكون الطحال؛ وذلك في بعض الحالات التي يُلجأ فيها إلى استئصاله لأسباب مختلفة، كإصابة الطحال بمرض أو ضرر جرَّاء تعرُّضه لإصابة، ومن جانب آخر قد يكون خطر الإصابة بهذه العدوى مرتفعاً أيضاً لدى الأفراد الذين لا يعمل لديهم الطحال بكفاءة نظراً للإصابة بأمراض معيَّنة قد تؤثِّر في كفاءة عمله، ومن الأمثلة عليها: مرض الخلايا المنجليَّة (Sickle cell disease)، والثلاسيميا، والأورام اللمفاويَّة.
الأمراض المزمنة
قد تحدث اضطرابات نقص المناعة نتيجة الإصابة بمرض مزمن طويل الأمد، فعلى سبيل المثال يمكن أن تؤدِّي الإصابة بمرض السكَّري إلى حدوث اضطراب نقص المناعة، وذلك لتأثُّر كفاءة عمل كريات الدم البيضاء نتيجة ارتفاع مستوى السكَّر في الدم.
الحمل
يكون الجهاز المناعي خلال الأسابيع الـ 12 الأولى من الحمل متأهِّبًا؛ وذلك للسماح بتكوين بنية الجنين الأساسيَّة بالكامل، فقد تم التوصُّل إلى أنَّ استجابة نظام المناعة العدوانيَّة ضروريَّة لانغراس الجنين بالرحم، وفي الواقع تتدفَّق الخلايا المناعيَّة في بطانة الرحم وتُسبِّب الالتهاب لتتم عمليَّة انغراس الجنين بنجاح، ويعتقد العلماء أنَّه يجب قمع جهاز المناعة الخاص بالمرأة الحامل طوال فترة الحمل المتبقِّية لمنعه من رفض الجنين، فعلى مدى الأسابيع الـ 15 التالية يتم قمع جهاز مناعة الأم للسماح لخلايا الجنين بالنموِّ والتطوُّر.
نقص المناعة الأولي
تتمثَّل أمراض نقص المناعة الأوَّلية (Primary immunodeficiency diseases) واختصارًا PIDD بمجموعة من الاضطرابات التي قد تصل إلى أكثر من 400 اضطراب مزمن نادر، وقد تختلف هذه الاضطرابات فيما بينها إلا أنَّها تشترك في سمة واحدة تتمثَّل بأنَّ كلاًّ منها ينتج عن خلل في إحدى وظائف الجهاز المناعي الطبيعي للجسم.
ما أسباب نقص المناعة الأولي؟
يُعزى حدوثها إلى وجود عيوب وراثيَّة تنتقل من أحد الوالدين أو كليهما، أو إلى وجود عيوب جينيَّة تنتج عن مشاكل في الشيفرة الوراثيَّة، وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعضًا من هذه الاضطرابات يؤثِّر في جزء واحد من جهاز المناعة، في حين قد يؤثِّر البعض الآخر في واحد أو أكثر من أجزائه، ويمكن تصنيفها على نطاق واسع إلى ست مجموعات بناءً على الجزء المتأثِّر من الجهاز المناعي كما يأتي:
- عِوَز الخلايا البائيَّة (الأجسام المضادَّة).
- عِوَز الخلايا التائيَّة.
- عِوَز كلٍّ من الخلايا البائيَّة والتائيَّة.
- اختلال الخلايا البلعمية.
- عِوَز المتمِّمة أو نقص المتمِّمة (Complement deficiency).
- الاضطرابات مجهولة السبب.
ما هي عوامل خطر نقص المناعة الأوليّ؟
تجدر الإشارة إلى أنَّه تم التوصُّل إلى وجود عامل خطر وحيد للإصابة باضطراب نقص المناعة الأوَّلي وهو وجود تاريخ عائلي للإصابة بهذا الاضطراب، ممَّا يزيد من خطر الإصابة به، لذا تجدر الإشارة إلى أنَّه يوصى بطلب المشورة الطبيَّة عند التخطيط لتكوين عائلة إذا كان لدى الفرد نوعًا من اضطراب نقص المناعة الأوَّلي